التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها

الصلح-في-نزاعات-التحفيظ-العقاري التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها
التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها

 
التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها
بقلم: عبد العزيز الجطيوي
طالب باحث


التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها

مقـدمــــــــة:


 
     يشكل العقار ثروة مهمة وذلك لاعتباره أساس التنمية الاجتماعية والاقتصادية ولهذا فالاهتمام به قد امتد عبر التاريخ ومازال كذلك في وقتنا الحاضر،ونظرا للأهمية التي يكتسيها فقد اهتمت به جل التشريعات وذلك بافراده تقنينات خاصة ويعد المغرب من البلدان التي اعتنت بالعقار .

      وذلك بإيجاد نظام له دور مهم في إعطاء الملكية العقارية وضعا أكثر استقرار وثقة في التعامل، يتمثل في نظام التحفيظ العقاري، الذي وضع قواعد تكسب إنشاء ونقل الملكية والحقوق العينية العقارية والتصرف فيها وبالتالي يساعد على ازدهار الائتمان العقاري، حيث يعتمد هذا النظام على مبادئ وأسس سليمة ويرجع الفضل فيها إلى نظام (تورانس) الأسترالي[1].

    إن العقارات بالمغرب كانت خاضعة لأحكام الفقه الاسلامي وخاصة المالكي وللأعراف السائدة وذلك قبل صدور ظهير التحفيظ العقاري.

     وظهير التحفيظ العقاري كان يتكون من ظهيرين، أولهما: ظهير 9 رمضان 1331ه، موافق ل 12 غشت 1913م المتعلق بالتحفيظ العقاري.
     وثانيهما: ظهير 19 رجب 1333ه، الموافق ل 2 يونيو 1915م الخاص بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة، الذي نسخ بالقانون رقم: 38_09 المتعلق بمدونة الحقوق العينية إلى جانب قوانين أخرى.[2]

     فالتحفيظ العقاري إذن هو عبارة عن مجموعة من أعمال تقنية وهندسية معلنة للعموم تضبط هوية العقار وتعطي للحقوق المقيدة برسمه القوة القانونية تجاه الكافة بعد القيام بالإشهار لحالته المدنية بالجريدة الرسمية وذلك لتطهيره من كل ادعاء بحق غير مسجل بالدفتر العقاري الخاص به[3].
 
      فهذه المنازعة –أي التعرض- يمكن وضع حد لها إما بتصالح الأطراف ذوي العلاقة أو بقرار نهائي صادر عن القضاء[4]، والتسوية الودية -التي تعتبر موضوع هذا العرض- قد يكون إما تلقائيا من قبل الأطراف أو بتدخل المحافظ العقاري أو القاضي، وهو يعتبر وسيلة من الوسائل البديلة لتسوية النزاعات القائمة بين طالبي التحفيظ والمتعرضين وذلك لكونه وسيلة فعالة وناجعة يلجأ إليه لإنهاء النزاعات بين الأشخاص وذلك بتنازل كل طرف للآخر على جزء من مطالبه وظهور الطرفين المتنازعين بمظهر “المتصالحين” الذين اختصروا طريق تسوية النزاع بينهما باللجوء إلى الصلح الذي يوفر مزايا ومكاسب لكافة الأطراف وذلك لما يميزه عن مسطرة التقاضي العادية التي تتسع بالبطء وهدر الطاقات والجهود البشرية والمصاريف، بالإضافة لما يصاحبها عادة من طول آماد النزاعات أو إطالتها وتشعبها ولما تلحقه باقتصاد البلد وبأطراف الدعوى من أضرار وما يترتب عنها من تدهور العلاقات الاجتماعية بين الفرقاء وما يتولد عن ذلك من مآسي اجتماعية وإنسانية خصوصا حينما يتعلق الأمر بنزاع بين الأفراد من عائلة واحدة أو من عشيرة أو وسط اجتماعي واحد.
 
     وتجدر الإشارة إلى أن الصلح يعتبر من أقدم وأعرق الوسائل التي كان يلجأ إليها الأفراد لتسوية النزاعات بينهم بل يمكن اعتباره أقدم من القضاء حيث كان الناس في ظل عشائرهم وتجمعاتهم يلجأون إلى أحد الأشخاص المعروف بحكمته ونزاهته لعرض النزاع عليه وطلب تدخله لإبرام صلـــح بين الطرفين[5].
 
     وقد عرف الصلح في ظل المجتمع الإسلامي كذلك وأشارت اليه عدة آيات كريمة في القرآن الكريم، كما أشار إليه الحديث الشريف في عدة حالات، وهكذا نجد القرآن الكريم يدعو إلى الصلح بين المسلمين بقوله تعالى “إنما المؤمنين إخوة، فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”[6].

     وجاء في الحديث النبوي الشريف “الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلال”.
 
     ولموضوع التسوية الودية في نزاعات التحفيظ العقاري أهمية بالغة بالنسبة للمتعاملين في الميدان العقاري وخاصة منهم الممارسين وعلى رأسهم المحافظ العقاري والقاضي العقاري لأنهم مدعوون أكثر من غيرهم إلى تشجيع اللجوء إلى هذه المسطرة لما توفره من وقت ومحاربة بطء البت في قضايا التحفيظ العقاري وجهد لبلوغ الغاية من مسطرة التحفيظ وهي تأسيس الرسم العقاري، وهكذا ومن خلال ما سبق يتبين على أن التسوية الودية في نزاعات التحفيظ العقاري يتخذ نوعين فيكون إما صلحا إداريا يتم أمام المحافظ على الأملاك العقارية، وإما يكون صلحا قضائيا يجرى أمام القاضي العقاري.

    وعلى أي، فموضوع التسوية الودية بنوعيها في نزاعات التحفيظ العقاري التي سنتناولها من خلال آلية الصلح تطرح العديد من الإشكاليات سواء فيما يخص مسطرة ابرامه أو القيمة القانونية للمحاضر المنجزة بصدده أو مدى ملاءمة المهمة التصالحية للجهات المتدخلة قانونيا في مسطرته.
 
   عموما سوف نحاول الإجابة عن هذه الإشكاليات وذلك من خلال تقسيم هذا الموضوع كالآتي:

المبحث الأول: اجراءات التحفيظ العقاري

المبحث الثاني: التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها


 
المبحث الأول: اجراءات التحفيظ العقاري

      تنقسم العقارات بالمغرب إلى عقارات محفظة وغير محفظة وأخرى في طور التحفيظ.

     وتخضع العقارات المحفظة لظهير التحفيظ العقاري الصادر في غشت 1913 المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 07-14 المنفذ للظهير الشريف رقم 177.11.1 بتاريخ 22 نونبر 2011.
 
      وهذا النظام – التحفيظ العقاري – يجري وفق اجراءات دقيقة تمر منها مسطرة تحفيظ العقار، بدءا من ايداع مطلب التحفيظ ومرورا بالقيام بعملية التحديد المؤقت وكذا النهائي وإمكانية قبول التعرضات إلى غاية تأسيس الرسم العقاري.

      وعليه، سيكون حديثنا في هذا المبحث عن اجراءات التحفيظ العقاري (المطلب الأول) تم عن التعرضات الواردة على مطلب التحفيظ أو مسطرة التحفيظ (المطلب الثاني).


 
المطلب الأول: الاجراءات الأولية للتحفيظ العقاري

     يعتبر تقديم مطلب التحفيظ اول اجراء في عملية تحفيظ العقار، وهو ما سنتطرق اليه بموجب (الفقرة الأولى) تليهاعمليتي الإشهار والتحديد العقاري وذلك ما سنشير اليه في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تقديم مطلب التحفيظ العقاري

     قبل تناول هذا الموضوع لابد من بيان المقصود بالتحفيظ العقاري (أولا) تم نعرج على تقديم مطلب التحفيظ. (ثانيا)
 
أولا-مدلول التحفيظ العقاري

أ‌- التعريف الفقهي:

يقصد بالتحفيظ العقاري “ذلك الوعاء القانوني والهندسي لكل الحقوق العينية والتكاليف العقارية المصاحبة للعقار في فترة معينة من حيث إنه يصونها من كل ما يمكن أن ينازع في وجودها.[7]
 
ب-التعريف القانوني:

   نص الفصل الأول من ظهير التحفيظ العقاري، كما عدل وتمم بالقانون رقم 07-14 على ما يلي:

“يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان اخراجه منه فيما بعد ويقصد منه:

  • تحفيظ العقار بعد اجراء مسطرة التطهير، يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.[8]

     هذا وقد أشار إليه الأستاذ محمد خيري إلى أهداف التحفيظ العقاري وحددها في ستة أهداف رئيسية على الشكل التالي:

1- إن التحفيظ العقاري يؤدي إلى إحلال نظام قار يعطي للملكية وضعا أكثر ثباتا وأمنا، وذلك محل الرسوم العدلية التي غالبا ما يشوبها الغموض أو التشكك.

2- ان التحفيظ العقاري يعتبر وسيلة لتطهير الملكية العقارية من كل النزاعات التي يمكن أن تثار بشأن العقار، وذلك عن طريق مبدأ التطهير المتمثل في التعرضات التي يمكن أن تثار.

3- إن التحفيظ العقاري يضمن للمالك حقوقه على ملكيته بصفة قارة ومستمرة، ودون أن ينصرف هذا الحق للضياع أو الترامي من طرف الغير بسبب عدم الاستعمال أو التقادم.

4- إن التحفيظ العقاري يمكن الغير من ابرام التصرف مع مالك العقار المحفظ وهو على بينة من صحة الملكية ومن سائر الحقوق المترتبة على العقار إذا كانت موجودة.
 
5- إن التحفيظ العقاري يمكن الدولة من التعرف على عدد الملكيات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في البلاد ويمكنها بالتالي من نهج سياسة ملائمة في الميدان العقاري.

6- إن نظام التحفيظ العقاري نظام اشهاري عيني لا شخصي.[9]
 
ثانيا: تقديم مطلب التحفيظ

إن تقديم مطلب التحفيظ هو الذي يعطي للمحافظة العقارية اشارة البدء في اتخاذ الاجراءات اللازمة لإدخال عقار معين ضمن نظام التحفيظ العقاري.

    ويقصد بمطلب التحفيظ: ” ذلك التصريح أو الطلب الذي يتقدم به المعني بالأمر أو نائبه القانوني ويسمى طالب التحفيظ، الذي يهدف من ورائه، تحفيظ عقاره أرضا أو بناء”.[10]
 
وبناء على هذا التقديم سيكون حديثنا في هذه النقطة عن الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ أ- وعن كيفية تقديمه – ب- .
 
أ‌- الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ

حدد المشرع الأشخاص المخول لهم حق تقديم مطلب التحفيظ وذلك بموجب الفصول 10 و 11 و 12 من الظهير المذكور المعدل والمتمم بالقانون رقم 07-14 وأوردهم على سبيل الحصر وهم كما يلي:
ينص الفصل 10 على أنه: ” لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم:
1- المالك
2- الشريك في الملك مع الاحتفاظ بحق الشفعة لشركائه، وذلك عندما تتوفر فيهم الشروط اللازمة للأخذ بها.
3- المتمتع بأحد الحقوق العينية الآتية:

  • حق الانتفاع، حق السطحية، الكراء الطويل الأمد، الزينة، الهواء والتعلية، الحبس.
    4- المتمتع بارتفاقات عقارية، موافقة صاحب الملك، والكل مع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالتحفيظ الإجباري.
    وينص الفصل 11 على أنه:
    ” يجوز للدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله، طلب التحفيظ بناء على قرار قضائي صادر لفائدته بالحجز العقاري ضد مدينه”.[11]
    وينص الفصل 12 أنه: ” يحق للنائب أن يقدم مطلبا للتحفيظ في اسم المحجور أو القاصر، حين تكون لهذا المحجور أو القاصر حقوق تسمح له بتقديم الطلب لو لم يكن محجورا أو قاصرا”.[12]
    ب‌- كيفية تقديم الطلب:
    استوجب قانون التحفيظ العقاري مجموعة من الشروط في مطلب التحفيظ وذلك بنصه في الفصل 13 على أنه:
    “يقدم طالب التحفيظ تصريحا للمحافظ على الأملاك العقارية مقابل وصل يسلم له فورا، مطلبا موقعا من طرفه أو من ينوب عنه بوكالة صحيحة يتضمن لزوما ما يلي:

1- اسمه الشخصي والعائلي وصفته ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 43 من مدونة الأسرة ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم، وإذا كان طالب التحفيظ شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني وموقعه الاجتماعي واسم ممثله القانوني.

2- تعيين عنوان أو موطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة العقارية الموجود بها المالك، إذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة.

3- مراجع بطاقة التعريف الوطنية أو أي وثيقة أخرى تعرف بهويته عند الاقتضاء.

4- وصف العقار المراد تحفيظه ببيان البنايات والأغراض الموجودة به ومشتملاته ونوعه وموقعه ومساحته وحدوده والأملاك المتصلة والمجاورة وأسماء وعناوين أصحابها.

5- بيان أنه يحوز كل العقار أو جزء منه مباشرة أو عن طريق الغير، وفيما إذا انتزعت منه الحيازة يتعين بيان الظروف التي تم فيها ذلك.

6- تقرير القيمة التجارية للعقار وقت تقديم المطلب.

7- بيان الحقوق العينية العقارية المترتبة على الملك مع التنصيص على أصحاب هذه الحقوق بذكر أسمائهم الشخصية والعائلية وصفاتهم وعناوينهم وحالتهم المدنية وجنسيتهم وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة.

8- بيان أصل التملك.[13]

الفقرة الثانية: عملية الإشهار والتحديد

    مباشرة بعد ايداع مطلب التحفيظ يعمل المحافظ على الأملاك العقارية داخل أجل 10 أيام، بتحرير ملخص لمطلب التحفيظ، ويعمل على نشره في الجريدة الرسمية، كما يرسله للقائد ورئيس المجلس الجماعي، ورئيس المحكمة الابتدائية، وعليه فإن مسطرة التحفيظ تمر بمراحل متعددة بعد تقديم مطلب التحفيظ، منها عملية الإشهار أولا وعملية التحديد ثانيا.

أولا: عملية الاشهار
    يخضع مطلب التحفيظ لعملية الاشهار العقاري بجميع وسائله الواسعة، الغرض منها إحاطة الجمهور علما به، لذلك ألزم المشرع المحافظ العقاري القيام بكثير من العمليات المادية والقانونية، حيث يحرر ملخصا في ظرف 10 أيام من تاريخ تقديم مطلب التحفيظ .[14]

    ويحرر إعلانا يحدد فيه اليوم والساعة اللذان يتعين أن يتم فيها التحديد المؤقت وفقا للمادة 17 من القانون 14-07 ثم يقوم بنشر الاعلان والملخص في الجريدة الرسمية، ويرسل نسخا منها إلى كل من ممثل السلطة المحلية ولرئيس المحكمة الابتدائية الواقع في دائرة نفوذها العقار المزمع تحفيظه، وكذلك رئيس المجلس الجماعي باعتباره، إذ يعتبر هذا الأخير من بين المستجدات التي جاء بها القانون 14-07 لكي يعلق في اللوحات المعدة للإعلانات داخل مقرات عملهم الرسمي إلى اليوم المحدد للتحديد المؤقت، وذلك قبل هذا التاريخ ب 20 يوما، وذلك حسب الفصل 18من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بالقانون 14-07.[15]

    ويمكن القول أن إشراك المشرع لهذه الجهات المسؤولية في عملية الاشهار العقاري لمطلب التحفيظ يتم عن رغبة أكيدة للمشرع في تفعيل سياسة إدارة القرب، القائمة على التواصل المباشر بين الادارة والمواطن بجميع تجلياته.
     فينبغي التساؤل عن مدى مصداقية الوسائل المقررة لإشهار مطلب التحفيظ ودورها في اخباره، وبالتالي حماية حقوقهم والدور الذي يلعبه التحديد بنوعيه المؤقت والنهائي، باعتباره مرحلة أساسية في عملية الاشهار.
 
أ_ النشر بالجريدة الرسمية:
     لا شك أن الهدف الأساسي من نشر مطلب التحفيظ والإعلان عن إجراء التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية، هو اخبار أكبر عدد من الناس حتى يتسنى لكل من له مصلحة الاحتجاج وتقديم تعرضه.

    إلا أن الواقع وإكراهاته يفيد أن تقنية النشر بالجريدة الرسمية لا تؤدي وظيفة الاشهار بالشكل المطلوب، كون أغلبية الناس لا يعرفون بوجود الجريدة الرسمية، حتى إذا علموا بها فإنهم لا يتتبعون نشراتها، إما لجهل القراءة أو لعدم الفهم والاهتمام، وهذا يعني أن الجريدة الرسمية وسيلة غير ناجعة يجب الاستغناء عنها.[16]

ب_ التعليق لدى المحكمة الابتدائية:
    فيما يخص مسطرة التعليق لدى الجهة القضائية فإنها تعمل على الاشهار، إلا أن أهمية هذه العملية تصطدم باكراهات النص التشريعي من حيث لزوم التعليق لدى المحكمة الابتدائية التي قد يبعد عنها العقار بمئات الكيلومترات، في حين كان الأجدر لو أضاف المشرع التعليق لدى مركز القاضي المقيم القريب من العقار المزمع تحديده.[17]

ج_ التعليق لدى السلطات المحلية:
     تعمل الجهات المحلية بدور الاشهار، وهي الأخرى تواجه مشاكل التواصل مع بعض الجهات والتي منها الجماعات الترابية التي تقتضي إرفاق إعلانات التحديد بإحداثيات العقار بالإضافة الى تصاميم أولية لها، زعما منها أن ها قد تكون معنية بطلبات التحفيظ وبالتالي إبداء موافقتها أو اعتراضها عليها، والحال أن لها فقط صلاحية التعليق لاطلاع العموم على تفاصيل طلب التحفيظ وتاريخ وساعة التحديد المزمع انجازه.[18]

ثانيا: عملية التحديد
    تعتبر عملية التحديد عملية أساسية لمسطرة التحفيظ حيث لا يتصور التحفيظ بدونها بحيث تشكل عملية هندسية تصميمية وتقنية للعقار وعاء مطلب التحفيظ والحقوق العينية المرتبطة به، وينظر إلى عملية التحديد كوسيلة إشهار لعملية التحفيظ لأنها تنجز أمام الجمهور، حيث يتم الشروع في عملية التحديد مباشرة بعد نشر خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية، بحيث يرسل نسخة من هذه الخلاصة في مطبوع معد لذلك لمصلحة الهندسة الطبوغرافية والتي تقوم ببرمجة مطلب التحفيظ في قائمة مطالب التحفيظ المراد تحفيظها وإشعار مصلحة المحافظة بغية توجيه استدعاءات لمن يهمهم الأمر، الذين ينبغي عليهم الحضور بصفة شخصية أو من ينوب عليهم بوكالة حتى يمكنوا من الحضور إلى عين المكان والتأكد من مضمون مطلب التحفيظ ومدى مطابقته للواقع.
    ويقوم المحافظ على الأملاك العقارية بأعمال استباقية لعملية تروم ضمان العلانية التامة والإشهار الواسع للعملية المطلوبة، مما يساهم في تحصينها من كل وضع بعدم المشروعية، للقيام بتسيير عملية التحديد وينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافية محلف من جهاز المسح العقاري ويجب أن يكون مقيدا في الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين مع العلم أن هذا الأخير جعله المشرع مسؤولا في عملية التحديد وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل 19من القانون 14-07.
     ويتضمن محضر التحديد جانب قانوني وجانب تقني، مما يطرح التساؤل حول ما إذا كان هذا الأخير المنجز من قبل مهندس مساح طبوغرافي محلف، -الغير مكون تكوين قانوني-يكتسي حجية، فلا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، لأن عدم إلمام المهندس بالجانب القانوني والذي يبقى من صميم المحافظ على الاملاك العقارية، قد يؤدي إلى صياغته بطريقة لا تعبر عن حقيقة مطالب طالب التحفيظ أو المتعرض، ما دام أنه في نظر المشرع هو المسئول الأول والأخير عن سلامة عملية التحديد، وبالتالي فعلى المشرع إعادة النظر في هذه النقطة، إذ يجب إشراك المحافظ العقاري إلى جانب المهندس المساح الطبوغرافي التقني الذي يعينه على تقنيات الطبوغرافية العملية والحسابية التي تعتبر جد متطورة، باعتماد التكنولوجيا الحديثة عند عملية التحديد، أما الاجراءات الأخرى ذات الطابع القانوني والتي تعتبر قواعد أساسية حتى يتسنى الوقوف على كل الجوانب، سواء ما يتعلق بالعقار وأصحاب الحقوق كالإلمام بالقوانين، سواء ذات الطابع الاجرائي أو الموضوعي.


 
المطلب الثاني: التعرض على مطلب التحفيظ

    يحق لكل من يدعي حقا على العقار موضوع مسطرة التحفيظ، أن يتدخل في هذه المسطرة، عن طريق التعرض، لكن هذا التدخل ليس مفتوحا في أي وقت شاء المتعرض، وإنما له زمن محدد قانونا يشكل تقديمه خارج هذا الأجل مبررا لإمكانية رفضه، فمن خلال هذا المطلب نقف على مدلول التعرض ومن يحق لهم تقديم التعرض (الفقرة الأولى) ثم أجل التعرض( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مدلول التعرض ومن يحق لهم تقديمه

     يعتبر التعرض وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ، وذلك خلال الآجال القانونية المقررة له، ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ وعدم الاستمرار فيها، إلى أن يرفع التعرض ويوضع حد للنزاع عن طريق المحكمة أو يتم إبرام الصلح بين الأطراف، فهو ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ[19]، بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في حدود العقار المطلوب تحفيظه، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقار وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه مطلبه.
   فالمشرع منح لكل شخص يهمه الأمر أن يتدخل مباشرة عن طريق التعرض قصد توقيف إجراءات التحفيظ، إذن فهو بمثابة وسيلة يبادر صاحب الحق إلى ممارستها قصد إيقاف إجراءات التحفيظ خلال الأجل القانوني المقرر لذلك إلى أن يوضع حد للنزاع.

  • إن حق التعرض ممنوح فقط لأصحاب الحقوق العينية المرتبة على العقار دون أصحاب الحقوق الشخصية، لذلك لا يقبل التعرض إلا من الآتي ذكرهم:

1_ المنازع في وجود ملكية صاحب التحفيظ في حالة كون العقار في ملكية شخص آخر حيث يحق للمالك الحقيقي أن يتعرض على إجراءات التحفيظ.

2_ الشخص أو الأشخاص الذين ينازعون في مدى حق طالب التحفيظ، كما إذ كان العقار مشتركا على الشياع، حيث ينازع أحد الشركاء شركاءه في نصيبه أو ينازع الشريك الأجنبي عن طريق ممارسة حق الشفعة.

3_ المنازع في حدود العقار كما لو ترامى طالب التحفيظ عن جزء من أرض جاره وضمها إلى أرضه حيث يمكن المطالبة في هذه الحالة بتعديل التحديد الذي جرى إشهاره بتحديد تكميلي.
4_ المتمتع بحق عيني على العقار لم تتم الإشارة إليه في مطلب التحفيظ كما لو رتب طالب التحفيظ على عقاره حق انتفاع ثم حصل نزاع بشأن هذه الحقوق أثناء سريان مسطرة التحفيظ. 
5_ المنازع في حق وقع إيداعه طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله بقانون 14.07 ويلاحظ من هنا، أنه أصبح بالإمكان تقديم التعرض على الحقوق المودعة طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري وذلك بناء على قانون 14.07 فهذا يعد تعديلا مهما جدا، وذلك للمنازعة في كل الإبداعات المنصبة على العقار في طور التحفيظ طبقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري بعدما كان يحرم كل شخص تضرر من أحد الايداعات الواردة على مطلب التحفيظ أن يقدم تعرضا بشأنها.[20]
الفقرة الثانية: آجال التعرض
     يمارس التعرض منذ تقديم مطلب التحفيظ إلى انقضاء أجل الشهرين المواليين لنشر الإعلان بانتهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية (أولا) وبصفة استثنائية يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن يقبل التعرض خارج الأجل المذكور بشروط محددة (ثانيا).

أولا: التعرض العادي:
    يشكل التعرض على مطلب التحفيظ وسيلة قانونية لمن يدعي حقا عينيا على العقار موضوع مطلب التحفيظ ان ينازع الطالب في أحقيته في المدعى فيه[21].
    حيث أن كل من يدعي حقا عينيا على العقار المطلوب تحفيظه ولم يتسنى له التدخل أثناء عملية التحديد، يستطيع أن يتعرض على مطلب التحفيظ.
    فالتعرض مسموح به فقط لأصحاب الحقوق العينة دون أصحاب الحقوق الشخصية[22].
    وعليه يستطيع التعرض بصورة خاصة الأشخاص الآتي ذكرهم والتي وردت الإشارة إليهم في الفصل 24 من قانون 14/07.
    ويحق لهؤلاء ممارسة التعرض شخصيا أو بواسطة من ينوب عنهم إذا تعلق الأمر بقاصر أو مفقود، فإن صفة التعرض تمنح لممثلهم الشرعيين مع الإدلاء بما يفيد صفتهم، ثم ان كل من يتقدم بطلب التعرض باسم غيره أن يقدم الوثائق التي تثبت هويته وصفته[23] وهذا ما أشار إليه الفصل 26 من ظهير التحفيظ العقاري، وتجدر الإشارة إلى أن التعرض لا يمارس إلا في مواجهة[24] طالب التحفيظ أو المتدخل في مسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات 84 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14/07[25].
    وبالرجوع إلى المادة 24 من قانون 14/07 فإن مدة التعرض شهران من تاريخ الإعلان عن انتهاء عملية التحديد الأولي بالجريدة الرسمية ولا تقبل أي تعرض بعد هذه المدة إلا على وجه الاستثناء.
    وقد أشار المشرع إلى شكلية طلب التعرض في الفصل 25 من نفس القانون إلى أن التعرض يكون إما كتابة أو شفاهة ويقدم إما أمام المحافظ العقاري أو المهندس المساح الطبوغرافي المحلف عند إجراء عملية التجديد[26].

ثانيا: التعرض خارج الأجل العادي وشروطه:

1)- أجل التعرض الاستثنائي:
     يستطيع كل من يدعى حقا على عقار في طور التحفيظ أن يتدخل في مسطرة التحفيظ عن طريق تقنية التعرض المحددة بمقتضى الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري وفي حالة انقضاء هذا الأجل فإنه يبقى له مجرد حق احتمالي بحيث أن المحافظ على الأملاك العقارية هو الذي يملك كامل السلطة التقديرية في قبول أو رفض هذا التعرض خارج الأجل.
2_ شروطه:
    يباشر التعرض على مطلب التحفيظ على وجه الاستثناء خارج أجل شهرين وفق الشروط المحددة في الفصل 29 من الظهير العقاري وذلك كما يلي:
_ إن صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرض خارج الأجل العادي شريطة عدم إحالة الملف على المحكمة الابتدائية لتنظر في التعرض طبقا للفصل 29 من ظ، ت، ع، وهذه العبارة غير قابلة للتفسير ولا للتأويل، عكس الظهير السابق الذي كان يخول للمتعرض تقديم تعريضه بالرغم من توجه الملف إلى المحكمة.
_ يتعين على المتعرض أن يبين الأسباب التي منعته من تقدم تعرضه مدليا بالوثائق المؤيدة لذلك ويلزم بتقديم الوثائق والمستندات المؤيدة لتعرضه وأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة.
     ثم إن قرار المحافظ بعدم قبول التعرض غير قابل للطعن القضائي بصراح الفقرة الأخيرة من الفصل 29[27] من ظ، ت، ع ونشير في الأخير إلا أن صور التعرض هناك الكلي والتعرض الجزئي على مطلب التحفيظ الموارد تحفيظه.


 
المبحث الثاني: التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري واشكالاتها


     
     إن التسوية الودية في نزاعات التحفيظ العقاري لها أهمية بالغة بالنسبة للمتعاملين في الميدان العقاري، وخاصة منهم الممارسين وعلى رأسهم المحافظ العقاري والقاضي المقرر لأنهم مدعوون أكثر من غيرهم إلى تشجيع اللجوء إلى هذه المسطرة لما توفره من وقت ومحاربة بطء البت في قضايا التحفيظ العقاري لبلوغ الغاية من مسطرة التحفيظ وهي تأسيس الرسم العقاري.

     وتتخذ التسوية الودية في نزاعات التحفيظ العقاري صورتين، فتكون إما في المرحلة الإدارية وتتم أمام المحافظ على الأملاك العقارية، وإما في المرحلة القضائية وتتم أمام القاضي المقرر بالمحكمة الابتدائية (المطلب الأول). ومسطرة التسوية الودية في المرحلتان معا تواجهها عدة إشكالات على مستوى التطبيق العملي وهو ما سنتناوله في (المطلب الثاني)


 
المطلب الأول: التسوية الودية في المرحلة الإدارية والقضائية

     يعتبر الصلح في المرحلة الإدارية من المواضيع المهمة والمفيدة التي نظمها المشرع، وعلى إمكانية سلوكها لإنهاء النزاع لأنها تغني أطراف النزاع عن اللجوء إلى المحكمة للبت فيه، وبذلك فإنه يساهم في تخفيف العبء عليها، حيث يسد الطريق على مجموعة من الملفات ويوفر عليها المزيد من الوقت والجهد والمصاريف، كما أنه قد يكون وسيلة حاسمة للنزاع إذا تم توافق الطرفين المتنازعين على النتيجة التي توصل إليها.

     لذلك فقد جعله المشرع اختصاصا من اختصاصات المحافظ على الأملاك العقارية، وذلك من خلال الفقرة الرابعة من الفصل 31 من ظهير التحفيظ العقاري الذي حدد من خلاله المشرع مسطرة إبرام هذا الصلح وأعطى قيمة قانونية للمحاضر المنجزة بصدده، وإلى جانب الصلح الذي يقوم به المحافظ العقاري، سنناقش في هذا المطلب أيضا أهمية ودور القاضي في تسوية النزاعات العقارية.

الفقرة الأولى: التسوية الودية في المرحلة الإدارية:

   سنعالج ضمن هذه الفقرة مسطرة الصلح الإدارية (أولا) على أن نتطرق لنطاق الصلح الذي ينجزه المحافظ العقاري بين طالب التحفيظ والمتعرض، وكذا القيمة القانونية للمحاضر المنجزة بصدده (ثانيا).

أولا: مسطرة الصلح 
    تنص الفقرة الرابعة من الفصل 31 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: “يسوغ للمحافظ أثناء جريان المسطرة وقبل توجيه الملف إلى المحكمة المختصة أن يعمل على تصالح أطراف النزاع ويحرر محضرا بالصلح.
    ولإتفاقيات أطراف النزاع المدرجة بهذا المحضر قوة التزام عرفي”

    لكن ما يمكن ملاحظته هو أن المشرع لم يحدد مسطرة معينة يجب اتباعها لتحقيق هذه العملية بل ترك للمحافظ سلطة تقدير الظروف المحيطة بالقضية وتحديد المكان الملائم.[28]فمسطرة الصلح التي يقوم بها المحافظ تبتدئ حين تمر فترة شهر التي تمنح لطالب التحفيظ من أجل رفع التعرض دون أن يثبت رفعه له، ففي هذه الحالة فالمحافظ لا يبقى له إلا حل واحد قبل أن يبعث ملف التحفيظ إلى القضاء[29].

     لكن ما تجدر الإشارة إليه أن عدم قيام المحافظ بدعوة أطراف النزاع الى الصلح ،لا يعني إخلالا بواجبه ذلك أن مبادرة الصلح[30] التي يقوم بها ترجع إلى سلطته التقديرية فإذا ما ظهر له تشعب النزاع أو عدم جدوى دعوى الصلح أو أن النزاع يتطلب تحفظ قضائيا بالنظر لجسامة الحقوق المتنازع عليها أو تداخل المتعرضين وطلاب التحفيظ، فلا لوم عليه إذا لم يبادر إلى دعوتهما للصلح[31] كما ان الصلح قد تأتي من طرف الخصوم أنفسهم أي طالب التحفيظ أو المتعرض إذا رغبوا بالمبادرة التي ستجد استجابة من المحافظ العقاري وتشجيعه ويجوز أيضا للغير التدخل لإقامة هذا الصلح أو تهييء الجو المناسب لإبرامه.

     لكن ما يلاحظ على أرض الواقع أن أغلب محاولات الصلح التي أجريت أمام الوكالات العقارية كانت بمبادرة من أطراف النزاع ذلك أن المحافظين حسب تصريحاتهم يبتعدون عن الدخول في حوار قد يكون غير بناء بين الأطراف لأنه غالبا ما تكون هناك نزعة بين طالب التحفيظ والمتعرضين وكل منهم يكون عازما بالفوز على الآخر، ولهذا يفضل أغلب المحافظين ترك الكلمة للقضاء خير لهم من ،إقحامهم فيما هو مستبعد.

      عموما فسواء أتت مبادرة الصلح من طرف المحافظ أو طالب التحفيظ أو المعترض أو الغير فعندما يبادر المحافظ إلى اجراء هذا الصلح يقوم باستدعاء من يهمهم الأمر إلى جلسة صلاحية بمكتبة حيث ينبغي ان يبدل غاية جهده قصد التوفيق بينهما وإن اقتضى الحال التوجه مع الطرفين إلى عين المكان لدراسته بكيفية أوفر وأبلغ أن يتحمل أية مصاريف[32].

     فإذا نجح المحافظ في مساعيه فإنه يحرر محضرا يوقع عليه الجميع صاحب المطلب ومقدم التعرض عليه والمحافظ ثم يسجل العقار بعد ذلك في المحافظة طبقا لذلك الصلح المدون في المحضر المذكور الذي يحتفظ فيه لكل ذي حق حقه[33]. 

     ومما تجدر الإشارة إليه أنه يشترط لقبول الصلح بين الطرفين وتسجيل العقار طبقا له أن تكون مسطرة التحفيظ مازالت جارية أمام المحافظ العقاري، وكل الوثائق باقية بين يديه لكن ومع ذلك يبقى للمحافظ بعد انتهاء كل إجراء يتعلق بالتحفيظ بما في ذلك المسطرة القضائية أن يقبل ويسجل ما تصالح عليه الطرفان ولو بعد الحكم لبعضهما كما لا يقبل من أي طرف من أطراف النزاع الرجوع عن الصلح مادام له قوة الالتزام طبقا للقاعدة الفقهية التي تقضي بعدم قبول التراجع بعد الصلح لأنه رجوع للخصومة وهو أمر مرفوض فقها وشرعا[34].
 
 
كما يمكن للمحافظ القيام بإبرام الصلح حتى أثناء عملية التحديد وذلك على اعتبار أن هذا الأخير أو نائب عنه هو الذي يقوم بتسيير عمليات التحديد بمساعدة ومشاركة مهندس محلف من مصلحة المسح والتصميم.

    لكن من الناحية العملية فنادرا ما يقوم المحافظ بإبرام الصلح أثناء عملية التحديد[35]

ثانيا: نطاق محضر الصلح وقيمته القانونية

أ: نطاق محضر الصلح
     إذا تم الاتفاق على إنهاء النزاع صلحا داخل المحافظة العقارية بمبادرة من المحافظ أو من أحد الأطراف باللجوء إلى الصلح، فإن تحرير محضر الصلح يجب أن يتم عن طريق المحافظ العقاري كما يمكن له أن يكلف أحد العاملين معه بالقيام بالإجراءات التمهيدية لوضع نقاط محضر الصلح المنهي للنزاع أو لحضور جلسة المفاوضات بين طالب التحفيظ والمتعرض أو للتوفيق بينهما غير أنه في جميع الأحوال يجب أن يعتمد المحضر من قبل المحافظ العقاري أو نائبه أثناء غيابه حتى يحوز المحضر على القيمة القانونية التي تمكن المحافظ العقاري من القيام بالتحفيظ استنادا إليه.
     يتعين على المحافظ العقاري أثناء إعداده لمحضر الصلح أن يتحرى عن شخصية الأطراف ويتأكد من هوياتهم، كما يجب عليه أن يتأكد قبل إعداد المحضر من توافر الشروط اللازمة للمتعاقد في محضر الصلح من حيث سلامة الإرادة وخلوها من عيوب الرضا، ويشير إلى ذلك في محضر الصلح، حيث يتحرى قبل الإقدام على التحرير، وكل تقصير من جانبه في هذا الشأن يثير مسؤوليته، على أنه إذا كان أحد المتعرضين قاصرا فالى وليه يرجع حق إبرام عقد الصلح، إلا إذا تضمن عقد الصلح تنازلا لفائدة القاصر فلا حاجة لوليه. كما أنه إذا دخل في الصلح ورثة أحد الأطراف فيجب على المحافظ التأكد من صفات الورثة وذكرهم الصحيح في محضر الصلح([36]).
     إن سلطة المحافظ العقاري مقيدة بالنزاع القائم بين طالب التحفيظ والمتعرض لذلك ينبغي ألا يمتد نطاق محضر الصلح إلى الحقوق العينية العقارية التي لا يتضمنها مطلب التحفيظ أو المتعرض، لذلك لا يجب أن يتضمن محضر الصلح عقارا مجاورا أو حقوقا عينة لم تذكر في مطلب التحفيظ أو التعرض أو لم يشملها النزاع، وما شابه ذلك من التصرفات التي تجعل من محضر الصلح يخرج عن إطار المحدد له، فإذا اشتمل الصلح على تصرفات جديدة، فإن من حق المحافظ العقاري رفض إجراء هذا المحضر لأنه لا يدخل في اختصاصه.

     ذلك أن محضر الصلح له قوة إثباثية فهو ملزم للطرفين و لا يجوز لهما أن يطعنا فيه بالإبطال في الأهلية أو لعيب في الرضا ([37]).

ب : القيمة القانونية لمحضر الصلح
      يعتبر الصلح وسيلة ذات طبيعة اختيارية، وذلك أن المشرع المغربي في التعديل الأخير لظهير التحفيظ العقاري الخلاف الذي كان قائما حول سلطة المحافظ في تصالح الأطراف، نحو اعتبار الصلح مسلكا استثنائيا واختياريا يعو د للمحافظ تقدير اللجوء إليه، وهو ما تدل عليه صيغة “يمكن للمحافظ…” التي اعتمدها المشرع مؤخرا للإشارة إلى إمكانية مصالحة الأطراف وديا.[38]

     ومبادرة التصالح قد تأتي من طرف المحافظ أو طالب التحفيظ أو المتعرض، كما يمكن للغير التدخل لإقامة هذا التصالح أو تهييئ الجو المناسب لإبرامه، ومهما كانت الجهة التي ترغب في اتباع هذا الحل فإن المحافظ يبادر دائما إلى قبول ط الصلح. [39]

    ومحضر الصلح يكتسي حجية نسبية إلا أنه استثناء من القاعدة العامة القاضية بإضفاء الرسمية على المحررات التي ينجزها الموظفون العموميون في إطار ممارسة اختصاصاتهم، لا يكتسي محضر الصلح حجية المحررات الرسمية. رغم أنه يتوفر على شروط الوثيقة الرسمية، فقد أضفى المشرع عليه صفة اتفاق عرفي، بما يسمح لأطرافه الطعن في مضمونه وإثبات عكسه بشتى وسائل الإثبات، ولكن على غرار غيره من الاتفاقات فإن قبول الصلح والتوقيع عليه من طرفيه يكسبه قوة الإلزام التي يضفيها الفصل 230من ق. ل.ع [40]
 
      لذلك لا يجوز التراجع عنه والرجوع للخصومة [41] كما أن محضر الصلح الذي وقعه الطرفان يعتبر ذا قوة اثباتية، فهو ملزم لهما ولا يطعنان فيه إلا بما يطعن به على العقد، فيجوز بوجه خاص أن يطعنا فيه بالإبطال لنقص في الأهلية أو لعيب في الرضا من غلط، أو تدليس أو إكراه.[42] وإذا حصل الإتفاق المنشود بين الأطراف فبإمكان المحافظ إنجاز تقرير حضور يبين فيه النقط التي تم التصالح بشأنها ويوقعه الأطراف، ثم يدرج في ملف التحفيظ حيث يكون لهذا الاتفاق قوة الالتزام العرفي وبناء على هذا التصالح يتخذ المحافظ قراره في بتحفيظ العقار وتأسيس الرسم العقاري وفقا لما تم التصالح بشأنه، إن لم يكن هناك تعرض آخر.

     والملاحظ أن هذا الاتفاق لا يتصف بأية صيغة رسمية على الرغم من أنه تم تحت إشراف موظف عمومي، بل وبمبادرة منه وفي حدود اختصاصه، ومع ذلك فهذه الاتفاقات تلزم الطرفين وتكون بمثابة القانون لهما، تطبيقا للمبدأ المعروف (العقد شريعة المتعاقدين) بحيث لا يجوز نقضها ولا تعديلها إذا ما تم تأسيس الرسم العقاري، وذلك بالرغم من أنها لا تحتوي على الصيغة الرسمية.[43]

    ولهذا نجد أن المشرع المغربي قد سوى بين محضر الصلح الذي يحرره المحافظ العقاري وبين الوثيقة ، التي يحررها ذووا الشأن بأنفسهم، ويقومون بالتصديق على إمضائهم أمام موظف عام.
     من خلال ما سبق يتضح بأن محضر الصلح الذي يقوم بإبرامه المحافظ بين طالب التحفيظ والمتعرض لإنهاء النزاع بتوفر على جميع شروط الوثيقة الرسمية. لذلك ينبغي على المشرع تعديل نظام التحفيظ لإضفاء الصفة الرسمية عليه، ويكون له حجية تميزه عن بقية الوثائق المصادق عاى توقيعاتها[44]

الفقرة الثانية: التسوية الودية في المرحلة القضائية
 
    إذا كانت صور التعرض غير واردة على سبيل الحصر وإنما على سبيل المثال في مختلف كتب الفقه، فالذي يهمنا هو نوعين من التعرضات، تعرضات بسيطة، وتعرضات معقدة، فالنوع الأول من هذه التعرضات، غالبا ما يتوصل المحافظ العقاري إلى إبرام صلح بين الطرفين[45] -كحالة التعرض على حدود العقار مثلا- أما النوع الثاني من هذه التعرضات والتي تنطوي على منازعة جدية بين طرفيها لكل منهما وثائقه و مستنداته التي يؤيد بها مزاعمه –مثلا حالة المنازعة في أصل الملكية- غالبا ما تكلل محاولة الصلح التي يجريها المحافظ العقاري بالفشل. ولا يبقى أمام هذا الأخير سوى إحالة الملف على القضاء للبث في النزاع.

     والحديث عن المرحلة القضائية رهين بفشل محاولة الصلح المجراة من طرف المحافظ العقاري أو عدم رفع التعرض أو قبوله من لدن طالب التحفيظ. لهذا فإن المرحلة القضائية التي يتدخل فيها القاضي-باعتبارها مرحلة استثنائية- تكتسي أهمية بالغة في إطار مسطرة التحفيظ.

    لذلك سيكون حديثنا في هذا المطلب عن مكانة الصلح ضمن اختصاصات القاضي المقرر (أولا) ثم نتناول مدى تأهل القاضي لإنجاح عملية التسوية في (ثانيا)

أولا: مكانة الصلح ضمن إختصاصات القاضي المقرر:

    إن لمسطرة الصلح في نزاعات التخفيظ العقاري أهمية بالغة بالنسبة للمتعاملين في الميدان العقاري والعقاريين، لأنهم معنيون أكثر من غيرهم في تشجيع اللجوء إلى هذه المسطرة لما توفره من وقت ومحاربة تأخر البث في قضايا التحفيظ العقاري.

    فالصلح آلية فعالة يلجأ إليها المتنازعين لإنهاء الخصومة بينهما وذلك بتنازل كل طرف للآخرعلى جزء من مطالبه، في حين يظهر الأطراف المتنازعين بصورة المتصالحين الذين اختصروا الطريق لتسوية النزاع بيتهما باختيار سبيل الصلح عوض اللجوء للقضاء الذي قد يطول صدور حكم في الموضوع بسبب تعقد الإجراءات، إضافة إلى الحكم الذي لا يرضي الطرف الخاسر في القضية[46]. 

    وطبقا للفصل 31 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ فإن المحافظ يمكنه أن يدعوا المتعرضين وطالبي التحفيظ للصلح أو أن يعمل على التوفيق بينهم ويحرر محضرا بذلك.

     وإذا تعذر الوصول إلى الصلح بين المعترضين وطالبي التحفيظ يوجه المحافظ الملف إلى المحكمة بعد إنذار المتعرضين بأن يقدموا كل الحجج المؤدية لتعرضهم، وذلك خلال أجل ثلاثة أشهر.
     وتبقى أهمية إبرام الصلح قائمة أمام المحكمة حيث أن القاضي المقرر الذي يعينه رئيس المحكمة بناء على الفصل 34 من الظهير بالنسبة للمحكمة الابتدائية، والمستشار المقرر بناء على الفصل 43 ويمكنهما القيام بجميع الإجراءات الضرورية لتهيئ القضية وتجهيزها وعلى الخصوص إجراء أبحاث مع الأطراف والوقوف على العقارات لتطبيق الرسوم أو الاستماع إلى الشهود وهي:
الإجراءات التي تنتهي في كثير من الاحيان بإبرام الصلح[47].

     وتنص الفقرة 3 من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه وإذا قبل طالب التحفيظ التعرض أثناء جريان الدعوى أو تنازل المعترض عن تعرضه فإن المحكمة المعروض عليها النزاع تقتصر على الإشهاد بذلك القبول أو التنازل وتحيل الملف على المحافظ الذي يقوم عند الاقتضاء بالتحفيظ مع اعتبار اتفاقات الأفراد وتصالحهم.

     يثبت من خلال هذا الفصل أن المشرع قد خول للقاضي إمكانية الإشهاد على التصالح الواقع أمامه، وبالتالي إحالة الملف إلى المحافظ قصد العمل بها ثم التوصل إليه.

     وتجدر الإشارة إلى أن بعض الفقه[48] يعتبر محاولة القاضي إقامة الصلح بين أطراف النزاع فيه، تعد من إختصاص المحافظ وذلك نظرا للأثر الذي ينتج على إحالة الملف مباشرة إلى المحافظ العقاري، فإن جانب أخر من الفقه[49]، يرى عكس ذلك حيث يرى أن مهمة التصالح ترجع أصلا إلى القاضي والمحافظ العقاري بقيامه بذلك فهو يتقمص مهمة القاضي في حين يذهب جانب أخر الفقه[50]. إلى أنه لا يوجد ما يمنع القضاء من قبول أي صلح بين الأطراف النزاع في عملية التحفيظ سواء تقدم بطلب هذا الصلح صاحب مطلب التحفيظ أو المتعرض عليه.

     وأخيرا يمكن القول أن القاضي المقرر في قضايا التحفيظ يلعب دورا محوريا ذلك أن النزاع يحال من لدن المحافظة، وهي نقطة إنطلاق المسطرة القضائية بخلاف القضايا المادية التي تنطلق الدعوى فيها بمقتضى مقال افتتاحي، من هذا المنطلق خول المنتزع صلاحيات جد واسعة.
     تتجلى في قيامه بكل ما من شأنه أن يساعد على البث في القضية حتى أن البعض شبهه بقاضي التحقي في القضايا الجنائية إذ لهما الحق في إتخاذ أي إجراء ضروري يوصل إلى الحقيقة التي ستمكن المحكمة من البث في النزاع. 

ثانيا :مدى تأهل القاضي المقرر لإجراء الصلح 

    إن إمكانية إقامة الصلح بين الأطراف ليست محصورة لدى المحافظ، فإذا ما قام المحافظ برفع الملف إلى المحكمة، فإن ذلك يفيد بأن محاولاته من أجل إقامة صلح قد باءت بالفشل، وهذا لا يعني أنه لم يعد في الإمكان الحصول على اتفاق بين أطراف، فقد برهنت التجربة عكس ذلك في بعض الحالات، حيث يتدخل القاضي بكيفية حكمية، فيتمكن من حسم النزاع بعد الحصول على اتفاق بين الاطراف .[51]

    لكن من خلال محاولات الصلح التي أجريت على أرض الواقع والتي تمر على يد القضاء، يتبين على أنه يغلب عليها طابع الفشل رغم فوائد الصلح الهامة، وذلك لأسباب عدة .
      منها ما هو راجع إلى القانون كإسناد مهمة القيام بالصلح لقاضي الحكم، مما يجعل معه الأطراف يتحفظون بل ويمتنعون عن تقديم بعض التنازلات والبوح ببعض الأسرار، خوفا من انعكاس مواقفهم وتصريحاتهم أثناء محاولة الصلح على مراكزهم أثناء المحاكمة بمشاركة نفس قاضي الصلح الذي قد يطلع على أسرار تم البوح بها أملا في الوصول إلى حل اتفاقي مرضي لرغبات الطرفين، هذا زيادة على انعدام الجزاءات المادية أو الإجرائية للحد من التسويف والمماطلة ذلك أنه من الأمور التي تشجع الأطراف على المماطلة والتسويف، وذلك نظرا لعدم وجود نص قانوني يرتب جزاء ماديا أو إجرائيا على تخلف الأطراف متى استوجب القانون حضورهم شخصيا أو قررت المحكمة ذلك، إما لإجراء محاولة الصلح أو إجراء بحث، كما لا يوجد هناك نص يرتب جزاء ماديا أو إجرائيا ضد من كلف بالجوانب أو التعقيب أو الإدلاء بعنوان صحيح للخصم أو إحضار الشهود في حالة عدم القيام بما كلفوا به أو التزموا به تلقائيا، هذا بالنسبة للأسباب الراجعة إلى القانون.

     أما بالنسبة للأسباب الأخرى، فمنها ما هو راجع إلى القاضي ذلك أنه من الأمور التي تحول دون نجاح محاولة الصلح عدم اقتناع القاضي مسبقا بجدوى هذه الآلية وأهميتها أو اقتناعه بفشلها قبل الإقدام عليها، وهذا راجع إلى عدة عوامل أهمها غياب نشر ثقافة الحلول البديلة للنزاعات والاعتقاد السائد لدى البعض بأن من شأن نشر هذه الثقافة هيمنة تلك الحلول على النزاعات وإقصاء الأحكام وتهميش القضاء، هذا زيادة على الأسباب الراجعة للمتخاصمين. ذلك أن أهم الأسباب التي ترجع إلى الأطراف والتي تحول دون محاولة الصلح عن طريق القضاء تكمن في جهل أو تجاهل المصالح الحقيقية من طرفهم، والتشتت بدلها بالمواقف والمشاعر وخلفيات النزاع[52]. 


 
المطلب الثاني: الاشكاليات التي تعترض تطبيق مسطرة الصلح في المنازعات العقارية

     تعترض تطبيق مسطرة الصلح كوسيلة لتسوية المنازعات العقارية العديد من الاشكاليات والصعوبات، سواء على المستوى النصوص القانونية نفسها المنظمة لها (الفقرة الأولى)، أو على مستوى التطبيق العملي لهذه المسطرة من خلال الممارسة العملية (الفقرة الثانية),

الفقرة الأول: الإشكاليات القانونية التي تعترض مسطرة الصلح

    من بين هذه الصعوبات، نجد اختيارية اللجوء إلى مسطرة الصلح العقاري، وكذا عدم إضفاء الصبغة الرسمية على حجية الاتفاقات المنجزة من قبل الأطراف.

1_ اختيارية اللجوء الى مسطرة الصلح لتسوية نزاعات التحفيظ العقاري:
     يتضح من خلال النصوص القانونية المنظمة للصلح في المنازعات العقارية، أن اللجوء إليها يتميز بطبيعة جوازية.

   ويتبين ذلك بشكل جلي في الفقرة الأخيرة من الفصل 31 من القانون المتعلق بالتحفيظ العقارية، إذ نصت الفقرة الرابعة منه على أنه: ” يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أثناء جريان المسطرة وقبل الملف إلى المحكمة الابتدائية أن يعمل على تصالح الأطراف….).
    وعدم وجوبية اللجوء إلى مسطرة الصلح في المنازعات العقارية من طرف الجهات المختصة بها، يعد أحد وأهم الأسباب التي تعترض تطبيق هذه المسطرة، لأن جواز أو إمكانية جواز إجراء الصلح لا يساهم في تفعيل العدالة التصالحية للقيام بدورها القانوني والعملي في التسوية، ويجعل دور الجهة المختصة بإجرائها سلبيا في انتظار تدخل الأطراف لطلب الصالح.[54]
    وهو ما يقتضي أنه المشرع جعل إجراء الصلح وجوبي على الأقل في المرحلة الإدارية للتحفيظ، وذلك حتى لا يتم تجميد مسطرة التحفيظ، ودون انتظار طلب الأطراف اجراء الصلح.

2_عدم إضفاء الصبغة الرسمية على حجية اتفاقات الأطراف:
    تختلف الورقة الرسمية عن العرفية في كون الأولى يحررها موظف عمومي وفق شكليات محددة مثل أهلية الاطراف ورضاهم، فإذا لم تتوفر تلك الشروط اعتبرت عرفية، وهذه الأخيرة يمكن تحريرها من قبل الأطراف أنفسهم أو الكتاب العموميين وغيرهم ممن لا صفة لهم لتحرير الأوراق الرسمية.[55]

    من خلال النصوص القانونية المنظمة لمسطرة التحفيظ سواء الادارية أو القضائية، يتبين أن المشرع لم يضف أي صبغة رسمية على اتفاقات الأطراف بمحضر الصلح.[56]

     فبالرجوع إلى الفقرة الرابعة من الفصل 31 فيلاحظ أن محضر الصلح ينطبق عليه وصف هذه الورقة الرسمية ذلك لأنه يحرر من قبل موظف عام يدخل ذلك ضمن اختصاصاته وفق ظهير التحفيظ العقاري لكن ورغم ذلك فالمشرع لمح للاتفاقات المرتبطة بمحضر الصلح سوى قوة الإلتزام الشخصي الذي لا يسري إلا على أطرافه[57]، وهكذا يستنتج أن المثال هذه العقوبة بالرغم من إبرامها بإشراف موظف رسمي لا تعتبر من العقود الشكلية التي يشترط القانون لإنعقادها علاوة على تراضي المتعاقدين مراسم شكلية يجب أن يتبعها المتعاقدان إما في الواقع على عقار مثلا بحيث أوجب المادة 489 منه قانون الالتزامات والعقود المغربي إجرائه كتابة في محرر ثابت التاريخ.
     وبالتالي يكون أمثال هذه الاتفاقات واجبة الاحترام من قبل طرفي العقد وفقا للقاعدة القائلة “العقد شريعة المتعاقدين” بحيث لا يجوز نقضها أو بغيرها أو تعديلها إلا باتفاق الأطراف[58].
    وبذلك يتضح أن المشرع اشترط الرسمية في محضر الصلح لكنه أعطاه قوة التزام عرفي، وفي هذه الحالة يجوز الطعن فيه بجميع أوجه الطعن[59] 

     من خلال ما سبق يتبين أن محضر الصلح الذي يقوم بإبرامه المحافظ بين طالب التحفيظ والمتعرض لإنهاء النزاع يتوفر على جميع شروط الوثيقة الرسمية لذلك ينبغي على المشرع تعديل نظام التحفيظ لإضفاء الصفة الرسمية عليه لتكون له حجية ويميز عن بقية الوثائق المصادق على توقيعاتها فقط.

الفقرة الثانية: الاشكاليات الواقعية التي تعترض مسطرة الصلح 
    يظهر من خلال الممارسة العملية لمسطرة الصلح، أن هناك عدة صعوبات وإشكالات عملية وواقعية، منها تعنت الأطراف المتنازعة في اللجوء إلى مسطرة الصلح، وحصر الجهة المختصة بالصلح في المرحلة الادارية في جهة وحيدة وهي المحافظ على الأملاك العقارية.
1_ تعنت الأطراف المتنازعة عن اللجوء إلى مسطرة الصلح لتسوية المنازعات العقارية
     يمكن أن يعرقل سير مسطرة الصلح تعنت الأطراف من خلال رفض مناقشة نزاعاتهم بشكل ودي، ورفض محاولة التوفيق بينهم بشأن نقاط الخلافات القائمة بينهم، وإمكانية تجاوزها بحل توافقي، ويظهر تعنت الأطراف حين تصل المنازعة إلى طريق مسدود بشأن تسويتها بواسطة الصلح، وذلك بسبب تشبث كل طرف بمطالبه مما يقتضي إحالة النزاع على القضاء للبث فيه بحكم يحسم فيه بصفة نهائية بعد أن يصير هذا الحكم نهائيا بسلوك مختلق طرق الطعن المخولة قانونا.
     وقد يكون هذا التعنت ناتجا عن التعسف في استعمال الحق، وهو ما يخالف القاعدة الفقهية ” لا ضرر ولا ضرار” وهو ما يقتضي استعمال الحق بحسن نية طبقا للنص العام بالمادة الخامسة من قانون المسطرة المدنية، أو النص الخاص الوارد بالفصل 49 من القانون رقم 14_07 الذي ينص على ما يلي : ” كل طلب تحفيظ أو تعرض عليه، ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية، يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن 10 في المئة من قيمة العقار أو الحق المدعى به، والكل دون المساس بحق الأطراف في التعويض”.[60]
      من خلال هذا الفصل يتبين أن قانون التحفيظ العقاري حاول حماية الملكية العقارية من ظاهرة الكيد والتعسف في استعمال الحق، ورتب على مقترفها عقوبة صارمة جدا.

2_ حصر الجهة المختصة بالصلح لتسوية المنازعات العقارية
وهذه تعتبر من أهم العوائق والإشكاليات العملية والواقعية التي تعترض تطبيق مسطرة الصلح بين طالب التحفيظ والمتعرض، حيث أن المحافظ قد يعيقه مانع قانوني يحول دون أداء مهامه أو مباشرتها شخصيا، ومنها بالطبع إجراء الصلح بين الأطراف وذلك في حالة غيابه أو مرضه، أو في الحالة التي يكون منصبه شاغرا في انتظار تعيين محافظ جديد.[61]
     مما يقتضي من المشرع تخويل المحافظ المساعد الحق في النيابة عن المحافظ في اجراء الصلح، خصوصا في الحالة السابقة، أو اعتماد جهات أخرى تسند إليها مهمة تسوية هذا النوع من النزاعات، وعلى الخصوص آلية الوساطة، وذلك لما تمتاز به من مميزات عن غيرها من بدائل تسوية المنازعات.
 
خاتــمـة:
      يتبين من خلال هذا دراستنا لموضوع التسوية الودية لنزاعات التحفيظ العقاري، أن عملية تسوية المنازعات العقارية، تعطي الأطراف الفرصة لحكم النزاع بأنفسهم ” أي حكم أنفسهم بأنفسهم” من خلال الإتفاق على حل نزاعهم عن طريق التصالح، ومشاركتهم في تسويته بالتراضي حول نقط الخلاف بالاتفاق الذي يتم بينهم، غير أن تعزيز الدور القانوني والعملي للعدالة التصالحية يقتضي تجاوز الاشكالات التي تعترضها النصوص القانونية المنظمة لها، والصعوبات الواقعية التي تظهر خلال الممارسة العملية للصلح، حتى يمكن التغلب على الصعوبات والنزاعات التي تقوم بين الأطراف بفاعلية أكثر بتسوية سريعة للمشاكل التي تعترض العقارات للقيام بدورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع لأن تحفيظها يكسب مناعة قانونية لها، ويساهم في ضمان استمرارية استقرار الملكية العقارية ويحفز على جلب الاستثمارات الاقتصادية، إلى جانب مساهمة الصلح في الحفاظ على الروابط الاجتماعية للأطراف وتعزيز علاقتهم ومعاملاتهم الاقتصادية.
 
     وعلى ضوء الاكراهات السابقة التي تعترض تطبيق آلية الصلح في تسوية نزاعات التحفيظ العقاري، نرتئي أن يتم الأخذ باجبارية عملية الصلح في المرحلتين الإدارية والقضائية، ولما لا الانفتاح على آلية الوساطة في النظام القانوني والقضائي المغربي في تسوية نزاعات التحفيظ العقاري. 

[1] أحمد ادريوش، أصول نظام التحفيظ العقاري الطبعة الأولى 2003 الرباط، مطبعة الأمنية ص 13.

[2] المختار بن أحمد عطار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي وفق أحدث التعديلات، مطبعة النجاح الجديدة، ط/2، 2013م، ص:9.

[3] محمد خيري، الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة الأولى ص 77.

[4] محمد بونبات، قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، 1997 ص 21.

[5] رشيد تاشفين، الصلح كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات مداخلة في ندوة الطرق البديلة لتسوية المنازعات التي نظمتها شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس بشراكة مع وزارة العدل وهيئة المحامين بفاس يومي 4 و5 أبريل 2003 منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 2-2004 الطبعة الأولى ص 188.
 
[6] سورة الحجرات الآية 10.

[7]- د. محمد الحياني، عقد البيع وقانون التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة وراقة الكتاب بفاس، ط1، 1994، ص 87.

[8]-الفصل الأول من القانون رقم 07-14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 177.11.1 بتاريخ 22 نوبر 2011، مجلة مجموعة القانون المغربي، العدد 68، القانون العقاري الجديد، ط4، ص 11.

[9]- محمد خيري، قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، دار نشر المعرفة الرباط، ط5/2009، ص 94.

[10]- محمد الحياني، م.س، ص 108.

[11] الفصل 11 من القانون _14_07
 
[12] الفصل 12 من القانون _14_07
 
[13] الفصل 13 من القانون _14_07

[14] عمر أوزكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14/07 ومدونة الحقوق العينة دراسة عملية ورصد للمواقف القضائية لمحكمة النقض، ط 1، سنة 1433-2012، ص: 83.

[15] البكاري معزوز، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في ق 14/07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس بدون ذكر السنة، ص: 75,

[16] فاطمة الحروف، مرجع سابق، ص:62.

[17] هشام بصري، مسطرة التحفيظ وإشكالاتها العملية، دراسة تحليلية على ضوء القانون 14_07، ط/1، 2013م، ص:63.

[18] هشام بصري، م س، ص:63.

[19] نجيم أهتوت، محاضرات في مادة القانون العقاري ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس،السنة الجامعية، 2015-2016.

[20] :نجيم أهتوت، مرجع سابق،ص:45-46.

[21] عمار أزوكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14/07 ومدونة الحقوق العينة دراسة عملية ورصد للمواقف القضائية لمحكمة النقض، ط 1، سنة 1433-2012 ص 108

[22] مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصيلة والتبعية في ضوء التشريع المغربي، ج 1 الطبعة سنة 1987، ص 49

[23] البكاري معزوز، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في ق 14/07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري مطبعة سجلماسة الزيتون- مكناس بدون ذكر السنة ص 77

[24] الفصل 26 من التحفيظ العقاري

[25] الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14/07، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 177، 11، 1 بتاريخ 22 نونبر 2011، منشور بالجريدة الرسمية، عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، ص 55 75.
 
[26] الفصل 25 من القانون 14/07

[27] الفصل 29 من ق 14/07 الذي نص على أنه “بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.

يتعين على المعترض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبنية لأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه، كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.

يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي.

[28] عمر موسى، الدعاوى الكيدية أثناء مسطرة التحفيظ العقاري رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق جامعة محمد الأول بوجدة السنة الجامعية 2006/2007 ص 74.

[29] فاطمة الحروف، دور المحافظ العقاري بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ م.س، ص 47.

[30] محمود جمعة الزريفي، دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية العقارية دراسة مقارنة بين النظام العقاري في المغرب وليبيا اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء السنة الجامعية 1992/1993 ص 72
 
[31] محمد جمعة الزريفي، محضر الصلح بين طالب التحفيظ والمتعرض مجلة التحفيظ العقاري العدد الثاني أبريل 1989 ص 72.

[32] محمد خيري، التعرضات أثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي دار الثقافة العربية الدار البيضاء الطبعة الأولى 1983، ص 199.

[33] Paul décroux, droit foncier marocain, édition la porte imprimerie al maurif al jadida, rabat (sans date d’édition) p 87.

[34] عمر موسى، الدعاوى الكيدية أثناء مسطرة التحفيظ العقاري، م.س، ص 76.

[35] محمود جمعة الزريفي، تحديبد العقار مجلة صلة الوصل العدد الأول،يناير1985،جمعية المحافظين والمراقبين على الملكية العقارية، الرباط، ص 25.

[36] – محمد أطويف، مسطرة الصلح الاداري في نزاعات التحفيظ العقاري، منشورات مجلة القضاء المدني، سلسلة دراسة وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينة والمستجدات التشريعية في المادة العقارية ص 140.

[37] – محمد خيري، التعرضات أثناء التحفيظ العقاري، دار الثقافة الدار البيضاء ط1. 1983 ص 200

[38] يوسف مختري، تقديم سعيد الذغيمري، سلسلة “أعمال جامعية” حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ، مجلة القضاء المدني ص : 373 و 374

[39]محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، المساطر الإدارية والقضائية للتحفيظ، منشورات المعارف ص : 251

[40]نص هذا الفصل على مايلي ” الإلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئتها ولايجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أوفي الحالات المنصوص عليها في القانون”

[41]يوسف مختارري، مرجع سابق ص : 376. 

[42] محمد خيري، م س، ص:251.

[43] محمد خيري، مرجع نفسه، 252

[44] عبد الغفور اقشيشو،الصلح في نزاعات التحفيظ العقاري،25 أكتوبر، 2014 الساعة: 22:35، تاريخ الزيارة 30 ماي، 2018.الساعة 15:22 m/facebook/com

[45] – للمزيد من التعمق حول صور التعرض وأشكاله، انظر الدكتور محمد خيري، حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب، طبعة 2001، دار النشر المعرفة، ص 187 وما يليها.

[46] محمد مهدي التحفيظ العقاري في المغرب، مطبوعات دار المغرب 1997، ص 54
 
[47] الاستاذ محمد سالم، الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف الجديدة أهمية الصلح في القطاع القضائي المغربي المقارن، ص 16
 
[48] محمد الحياني، في نظام التحفيظ العقاري الصفربي، ط 1 مؤسسة التخلي للكتاب وجدة 2004، ص 155

[49] محمد العبودي، نظام التحفيظ وإشهار الحقوق المبنية بالمملكة المغربية، ص: 58

[50] محمد خيري، التمرضات أثناء التحفيظ العقاري في التشريح المغربي، دار الثقافة العربية، الدار البيضاء، ط 1، 1983، ص 243/242

[51] محمد خيري العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ص300 

[52] الحسين بويقين، أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي م.س ص 33.

[53] محمد خيري العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي م س ص300 و301 

[54] عبد الله درويش، العدالة التصالحية كآلية لتسوية المنازعات بين طالب لتحفيظ والمتعرض، سلسلة دراسات وأبحاث، العدد:9، المنازعات العقارية، ج2، ص: 160

[55] ادريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني، ج/2، مطبعة النجاح الجديدة، ط1، 2000، ص: 192.
 
[56] محمد خيري، قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي،(المساطر الإدارية والقضائية) مطبعة المطبعة الجديدة، لرباط، ط5، 2009، ص: 226.
 
[57] إدريس السماحي، دروس في القانون المدني الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري شركة اصطبرازار للطباعة واللفيف، مكناس الطبعة الأولى 2003 ص 59.
 
[58] محمد خيري، التعرضات أثناء التحفيظ العقاري م.س، ص 200

[59] محمد جمعة الزريفي، محضر الصلح بين طالب التحفيظ والمتعرضين م.س، ص 24
[60] عبد الله درويش، مرجع سابق، ص: 162.

[61] عبد لله درويش، م س، ص: 162.

ضع تقييمك لهذه المقالة
شارك مع أصدقائك
error: تعذرت العملية !!