الوسائل البديلة لتسوية النزاعات الدولية
مقدمة:
أدرك الإنسان مع تطور الحياة الدولية وتقدمها أن التفاهم مع الآخرين قد يكون خيرا وأبقى من التناحر، ومن ثم بدأ الاتجاه نحو تسوية المنازعات عبر وسائل حضارية، وبدأ المجال يفتح رويدا أمام وسائل و أساليب للتسوية السليمة المنازعات التي لا تقوم على استخدام القوة، إنما على أساس التراضي و القبول بما يقرره الغير حسما للنزاع، بعد أن يوضع الطرفان تحت بصر هذا الغير، و تقديره للمعطيات الواقعية و القانونية للنزاع.
ويعتبر مبدأ التسوية السلمية لفض النزاعات من المبادئ الأساسية للقانون الدولي العام، وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ تحريم استخدام القوة.
ولمبدأ التسوية السليمة مكانة رفيعة في ميثاق الأمم المتحدة، كما أن النزاعات الدولية متعددة ومختلفة، والوسائل السلمية للنزاعات الدولية
وفي سبيل القضاء على أسباب النزاعات الدولية وضعت قوانين وقواعد لتحد من التصرفات الغير المسؤولة التي تصدر من بعض الدول وتساهم في توثر العلاقات الدولية، وعندما ينشب نزاع دولي يكون من الأوفق اللجوء إلى تسويته بالطرق السلمية. وقد ورد النص على هذه الطرق وتنظيمها في المواثيق الدولية الكبرى كاتفاقيتي لاهاي الأولى والثانية بشأن التسوية السلمية وعهد عصبة الأمم وميثاق لوكارنو ميثاق التحكم العام وإعلان مانيلا بشأن حل المنازعات سلميا. كذلك برتكول جونيف للحل السلمي للمنازعات الدولية، والذي تمخضت عنه عصبة الأمم. يحرم اللجوء إلى استخدام القوة في تسوية النزاعات الدولية بدون استخدام الوسائل السلمية، واعتبر اللجوء إلى الحرب عمل غير مشروع ويشكل جريمة دولية.
أي مرجعية للوسائل البديلة بالمواثيق الدولية؟
وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم هذا الموضوع وفق ما يلي:
المطلب الأول: مفهوم النزاعات الدولية وتقسيماتها
المطلب الثاني: التسوية السلمية للنزاعات الدولية
المطلب الأول: مفهوم النزاعات الدولية وتقسيماتها
الفقرة الأول : مفهوم النزاع وتقسيماته
أ- مفهوم النزاع الدولي:
يعرف النزاع الدولي بكونه: ” صراع على منفعة معينة أو على سلطة أو على موارد ناذرة أوادعاءات على حالة معينة، بحيث أن أهداف لأطراف المتنازعة ليست فقط الحصول على المنفعة الموجودة بل تتعداها إلى تحديد الأضرار أو التخلص من المنافس الآخر”.
مفهوم حل النزاع و المفاهيم المتقاربة
- تسوية النزاعات
تعرف التسوية السلمية للنزاع على أنها: ” إنهاء النزاع عن طريق اتفاق متبادل بين الأطراف ذات العلاقة، وذلك بتراجع الأطراف عن بعض أهدافهم الأولية و مواقعهم و مطالبهم”.
وعلى هذا الأساس تختلف التسوية عن حل النزاع، لأن لهذا الأخير عملية تستهدف التوصل إلى اتفاق يستند إلى عوامل النزاع و تتم بلورة الاتفاق بهدف تحقيق الاحتياجات الأساسية للطرفين، وتتم معالجتها بنفس المستوى ببناء علاقات جديدة تعزز المساواة و العلاقات المتبادلة.
– إدارة النزاعات الدولية
تعني الجهود المشتركة لمنع تفاقم النزاعات الدولية و التدخل لإرجاعها إلى المستوى القانوني.
_ إدارة الأزمات
يعرف “وليامز” إدارة الأزمات بأنها سلسلة الإجراءات الهادفة إلى السيطرة على الأزمة و الحد من تفاقمها حتى لا ينفلت زمامها مؤدية بذلك إلى نشوب الحرب.
ب- تقسيمات النزاع الدولي:
1-النزاعات ذات الطابع القانوني
يقصد بالنزاعات ذات الطابع القانوني تلك التي تنشأ عن التفسير الخاطئ لقواعد القانون الدولي أو تطبيقها بين الدول و التي يثار حولها خلاف في التفسير أو لوجود نواقص في هذا القانون. ولتفادي أي نزاع قد يقود إلى استعمال القوة فقد وضعت قواعد مسطرية لتسويتها يعهد لها إلى القانون الدولي أو القواعد و الأعراف التي جرت العمل بها.
2-النزاعات ذات الطابع السياسي
يمكن القول أن النزاعات الدولية ذات الطابع السياسي هي تلك التي تهم المصالح الحيوية للدول سواء الإقتصادية أو السياسية و التي هي من غير المجدي أن تحال على المحاكم الدولية، و إنما الأصلح أن تحل بحلول و أساليب سلمية،
وعموما فقد عمد الفقه الدولي أن التمييز بين النزاعات القانونية و السياسية باعتبار أن النزاعات القانونية فقط هي التي يمكن عرضها على التحكيم و القضاء الدولي من أجل التسوية بينما النزاعات السياسية لا يمكن تسويتها إلا بالطرق الدبلوماسية أو السياسية
الفقرة الثانية : تأصيل فكرة حل النزاع على الساحة الدولية
تعود جذورها إلى أفكار عدة مفكرين من بينهم “جورج سمايل” “كورت لوين” ولعل أهم مساهمة لسمايل تتمثل في حل النزاع الذي نشر سنة 1955
وفي سنة 1965 مع تأسيس مجلة حل النزاع، بدأ أسلوب حل النزاع يأخذ مساره في الو.م.أ وفي سنة 1964 أصدرت أول مجلة عنيت ببحوث السلام في النرويج، وتهدف تحديد خطوات السلام، حيث عرض ” جالطون” مفهوما واسعا للعنف وقسمه إلى نوعين العنف المباشر والعنف الهيكلي، كما قسم السلام جدلين السلام الإيجابي و السلام السلبي، فوفقا “لجالطون” فإن السلام الإيجابي لا يعني فقط غياب الحرب ولكن أيضا غياب العنف الهيكلي، فالسلام الإيجابي هو عدم وجود العنف بجميع أشكاله.
المطلب الثاني : التسوية السلمية للنزاعات في الاتفاقيات والمواثيق الدولية
تعد اتفاقية لاهاي لسنة 1907 الإطار المرجعي الذي يستند إليه في اللجوء إلى الحلول السلمية للنزاعات الدولية، حيث ألزمت الدول المتعاقدة على أن تلجأ بقدر ما تسمح به الظروف إلى وساطة دولة أو دول صديقة قبل أن تشتبك في الحرب من أجل حل نزاع بينهماالمادة 2 كما أشارت المادة 3 من نفس الاتفاقية إلى أنه من المفيد أن تقوم إحدى أو بعض الدول الأجنبية عن النزاع من تلقاء نفسها بعرض خدماتها الودية أو وساطتها بقدر ما تسمح الظروف دون أن يعتبر مثل هذا العرض بأي حال عملا غير ودي قبل أي من الدول المتنازعة.
كما نجد أن المادة 33 الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، قد نصت على اللجوء إلى الوسائل السلمية ومن بينها الوساطة : “إن الأطراف في كل نزاع…….يجب عليهم البحث عن الحل قبل أي شيئ عن طريق المفاوضات، التحقيق، الوساطة، التحكيم، التسوية القضائية، اللجوء إلى الأجهزة أو الاتفاقيات الجهوية أو بواسطة وسائل سلمية أخرى حسب اختيارهم,”
كما نجد أن هذا المبدأ الذي نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 33 قد نصت عليه القرار 2625 الذي ينص على:”أنه يجب أن تحل النزاعات الدولية على أساس المساواة السياسية وطبقا لمبدأ حرية اختيار الوسائل”.
كما أكدت محكمة العدل الدولية الدائمة في رأي استشاري لها في تاريخ 23 يوليوز 1923 المتعلق بقضية “كارولي الشرقية” على حرية اختيار وسائل حل النزاع، ب الإضافة إلى هذه المواثيق الدولية التي تدعو إلى تبني الوسائل السلمية لفض النزاعات على المستوى الدولي، فإن هناك مجموعة من الاتفاقيات ذات الطابع الثنائي التي تذهب إلى التنصيص على الأخذ بنفس المبدأ مثل ما ذهب إليه ميثاق الجامعة العربية الصادر في 22 مارس 1945 و أكد إعلان مانيلا حول التسوية السلمية للنزاعات في فقرته 10 الطابع اللين الذي تمثله المفاوضات المباشرة كوسيلة لإيجاد حل سريع وعادل دون إغفال الطرق السلمية الأخرى لحل النزاعات.
فما هي صيغ الوسائل البديلة لفض المنازعات الدولية؟
جاء ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة الأولى من مادته 33 بمجموعة من الحلول السلمية لحل النزاع الدولي منها ما هو دبلوماسي ومنها ما هو قضائي أوردتها على سبيل المثال كون أن نفس الفقرة أوردت عبارة “وغيرها من الوسائل السلمية”
الفقرة الأولى : الطرق الدبلوماسية لتسوية النزاعات الدولية
بالرجوع إلى المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة قد حددت في فقرتها الأولى الطرق الدبلوماسية لحل النزاعات الدولية في المفاوضات و الوساطة و التحقيق و التوفيق،
أولا: الوساطة
على مستوى العلاقات الدولية فالوساطة تقوم بها دولة ما بغية إيجاد تسوية لخلاف قائم بين دولتين في حين يتبع الوسيط طريقة المفاوضات و يقترح بنفسه حلا للنزاع، و تبقى الوساطة اختيارية في جميع نواحيها
المادة 8 من معاهدة باريس في 30 مارس1856 “إذا حدث الباب العالي و إحدى الدول المتعاهدة خلاف خيف منه على اختلال الفهم قطع صلتهم فمن قبل أن يعمد الباب العالي وتلك الدول المنازعة له إلى إعمال القوة و الجبر يقيمان الدول الأخرى الداخلة في المعاهدة وسطاء بينهما منعا لما يتأتى عن ذلك الخلاف من الضرر”
ثانيا : التوفيق
يعتبر التوفيق من الوسائل الحديثة العهد إذ أنه تم النص عليها في اتفاقيتي لاهاي للتسوية السلمية لعامي 1899-1907، ولم تدخل حيز التنفيذ في القانون الدولي إلا عام 1919 عندما بدأت الإشارة إليها من طرف العديد من المعاهدات الدولية من أهمها “معاهدة لوكارنو” المبرمة بتاريخ 1925، كما اختلف الأمر تماما بالنسبة للأمم المتحدة فالتوفيق وسيلة من وسائل حل النزاعات الدولية،إذا كانت عصبة الأمم اعترفت بالتوفيق لأسباب عملية.
لكن نص الميثاق على أن الدول حرة في اختيار الوسائل السلمية في حل النزاعات الدولية فيما بينهما سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق معاهدات و اتفاقات إقليمية، وهذا يؤكد الاختلاف بين الميثاق وعهد العصبة، فبينما الأول يهدف إلى الحفاظ على السلام العالمي، فقد كان هدف العهد هو حل المنازعات الدولية.
وبهذا نجد أن نصوص الميثاق متعلقة بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية قد أشارت بوضوح إلى طريقة التوفيق بين الدول مثلا المادة 33 من الميثاق نصت على”أنه يجب على أطراف أي نزاع بشأن استمراره أن يعرض حفظ السلم و الأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطرق سلمية كالتحقيق و الوساطة و التوفيق و التحكيم و التسوية القضائية أو أن يلجؤا إلى الوكالات و التنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي تقع عليها اختياره” كما نجد أن هناك منظمات تابعة للأمم المتحدة تشجع الأعضاء على التوفيق وكذلك اللجان التابعة للجمعية العامة مثلا نجد أخيرا اللجنة السادسة المتفرعة من الجمعية للأمم المتحدة في اجتماعها الرابع الذي عقدته في 25 شتنبر 1980 أنه عندما أشارت إلى طرق حل المنازعات الدولية بين الأعضاء في مجال التعاون الاقتصادي و التجاري وذلك نجد أن التوفيق قد يستعمل في المنازعات الدولية الاقتصادية أو التجارية وليس فقط في السياسية أو القانونية.
ثالثا: التحقيق
يأتي دور التحقيق كطريقة لتسوية النزاعات الدولية وهي عن ابتكار مؤتمر لاهاي لعام 1899
جاء في المادة 9 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907
“في النزاعات ذات الطابع الدولي و التي لا تمس شؤون ولا مصالح ذات أهمية والتي تكون نتاج اختلافات في تقدير و قائع يمكن للقوى المصادقة أن تحكم أنه من الضروري و الأفيد على الأطراف التي لم تتوصل إلى اتفاق عن طريق الوسائل الدبلوماسية إنشاء لجنة دولية للتحقيق مكلفة بتسيير حل هذه النزاعات مع توضيح ذلك بتحليل كلي و حسب ما يمليه الضمير لمسائل الواقع”
ويقصد بالتحقيق أن يعهد إلى لجنة دولية محايدة وغير متعصبة تتكون من ممثلين عن الأطراف المتنازعة بالإضافة إلى بعض الأطراف الأخرى بتقصي الوقائع والحقائق المتعلقة بالنزاع بطريقة محايدة وإعطائها الوصف والتفسير المناسبين و ذلك بوضع تقرير يتضمن كافة الحوادث و التفاصيل المتعلقة بالنزاع دون أن تبدي رأيها في تحديد المسؤولية بالنسبة لأطراف النزاع
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن التحقيق إجراء من الإجراءات المراد منها الوصول إلى تسهيل تسوية النزاع ، أكثر منها كيفية من كيفيات حل الأزمات و الخلافات الدولية.
رابعا: المفاوضات
من المعلوم أن التفاوض في النزاعات الدولية هو وسيلة لتبادل الرأي بين دولتين متنازعتين بغية إيجاد تسوية سلمية للنزاع وغالبا ما تجرى هذه العملية تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية وذلك لتشجيع الأطراف المتنازعة على متابعة المفاوضات و الوصول إلى حل سلمي ويمكن أن تكون المفاوضات ثنائية أو متعددة الأطراف سرية أو علنية.
أما في النزاعات الدولية فإن محكمة العدل الدولية تعتبر أنه قبل أن يكون أي نزاع موضوعا لدعوى قضائية يجب أن يكون موضوعه قد حدد عن طريق محادثات دبلوماسية تتسم بالجدية و حسن النية في ذات السياق ذهب الباحثون و المحللون القانونيون اعتمادا على الاتفاقيات و المعاهدة المتضمنة لشروط المفاوضات المسبقة في حل النزاع و كذلك اعتمادا على على ما ذهب إليه العمل الدولي في هذا المجال يرون أن ضرورة إعمال المفاوضات هي التزام عام ذو طابع عرفي ومن ناحية أخرى قد تختلف أهداف الأطراف المتفاوضة من هذه العملية قد تكون:
الفقرة الثانية: الطرق القضائية لتسوية المنازعات الدولية
بالإضافة إلى ما أوردناه سابقا حول الطرق الدبلوماسية التي أشارت إليها وفق المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة كما نجد هناك طرقا قضائية لتسوية النزاعات الدولية كالتحكيم الدولي (أولا )و القضاء الدولي (ثانيا)
أولا: التحكيم الدولي
جاء في المادة 37 من اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية لاهاي سنة 1907 أن موضوع التحكيم الدولي و تسوية المنازعات بين الدول بواسطة قضاة من اختيارها على أساس من احترام القانون وأن الرجوع إلى التحكيم يتضمن تعهدا بالخضوع للحكم بحسن النية.
وبهذا التعريف يمكن القول أن التحكيم الدولي كوسيلة سلمية لتسوية النزاعات الدولية لها طابع قضائي وفي هذا الصدد فإن الطابع القضائي للتحكيم الدولي مؤسس على ثلاث اعتبارات:
-من حيث المبدأ يقوم التحكيم و القضاء الدولي بتأدية ذات الوظيفة فكلاهما موضوعه تسوية الخلافات بين الدول على أساس من القانون ويصدر أحكاما ملزمة و نهائية
-قد يقال أن التحكيم الدولي يستمد صفته الذاتية من كونه إرادي بمعنى أنه متوقف على إرادة الأطراف إلا أ، الواقع الدولي، يثبت أن كل قضاء دولي إرادي مؤسس على رضاء سابق و حرمة الدول التي ستباشر في مواجهتها.
وفي جهة أخرى فقد تمخضت عن اتفاقيات لاهاي لسنتي 1899-1907 إنشاء محكمة دائمة للتحكيم لكنها لم تنظر إلا في 25 قضية في الفترة الممتدة من 1902- 1945 وهذا ما يعكس الجمود الذي تعيشه هذه المؤسسة لكن رغم أنها لم تنظر في أي قضية أو نزاع منذ 1945، لكنها لازالت تحافظ على أهميتها و يمكن اللجوء إليها في أي وقت بحكم سوابقها القضائية
ونشير في الأخير أن لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بذلت مجهودات واضحة بهدف تقنين إجراءات التحكيم الدولي، فجاء ثمرة لهذه المجهودات نموذج قادا إجراءات التحكيم الذي وضعته اللجنة سنة 1958 متكون من ديباجة و مجموعة من المواد و قد جاءت ديباجته متضمنة مجموعة من القواعد التي تعتبر أساسا يقوم عليه التعهد باللجوء إلى التحكيم الدولي.
ثانيا: القضاء الدولي
هو وسيلة لحسم النزاع بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام بواسطة حكم قانوني صادر عن هيئة دائمة تضم قضاة مستقلين جرى اختيارهم مسبقا
ولكن يمكن القول بأن الشئ الذي يميز القضاء الدولي عن التحكيم الدولي هو أن إطاره يتمثل في الهيئات و المنظمات القضائية ذات الطابع الدائم و الثابت مسيرة عن طريق نصوص قانونية تتصف بالعموم ، ومحضرة مسبقا دون أن تختص في نزاع معين، أما فيما يخص الإطار المؤسساتي للقضاء الدولي فيتخذ في محكمة العدل الدولية كانت تسمى قبل نشأة هيئة الأمم المتحدة سنة 1945 بمحكمة العدل الدولية الدائمة كجهاز تابع لعصبة الأمم المتحدة. و لمحكمة العدل الدولية نوعان من الاختصاص أولهما قضائي و الثاني استشاري كما لهذه المؤسسة الدولية نظام قانوني أساسي يتكون من 70 مادة مقسمة على 5 فصول، أما فيما يتعلق بإلزامية المقررات القضائية لمحكمة العدل الدولية في إطار اختصاصها القضائي، فقد جاءت المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة “يتعهد كل عضو في أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية في آية قضية يكون طرفا فيها إذا تمتع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة و الطرف الأخر أن يرجع إلى مجلس الأمن، ولهذا المجلس إذا رأى ضرورة لذلك أن يقدم توصياته أو يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم “
وعلى هذا الأساس في حالة التسوية القضائية لنزاع دولي بواسطة محكمة العدل الدولية، فإن القوة الإلزامية للقرار الصادر عنها يكون واقعا على أساس إرادة أعضاء هيئة الأمم المتحدة.