أمر قضائي صادر في إطار الوساطة الاتفاقية يتعلق بعدم احترام الأطراف لشكلية الكتابة بشرط الوساطة
تنقسم العقود من حيث تقسيمها إلى عدة أصناف، من بينها, عقود رضائية وهي التي يكفي لقيامها مجرد تراضي طرفيها[1]، ولعل غالبية العقود في عصرنا هذا رضائية، وهناك العقود الشكلية، وهي التي يتطلب بالإضافة لعنصر الرضائية توافر شكل معين، حيث لا يتم العقد إلا باستكمال هذا الشرط[2].
وعلى مستوى هذا الأخير، فقديما كانت عبارة عن ألفاظ وإشارات متداولة بين الأفراد، أما اليوم فإن الشكلية تتمثل في عنصر الكتابة.[3]وهذا ما ينطبق على اتفاق الوساطة، حيث نص المشرع في الفصل 58-327 من القانون رقم 05-08 على أنه: ” يجب أن يبرم دوما اتفاق الوساطة كتابة، إما بعقد رسمي أو عرفي، وإما بمحضر يحرر أمام المحكمة.[4]
ومنه، فإن اتفاق الوساطة سواء كان شرط وساطة أو عقد وساطة، لا بد من ابرامه كتابة تحت طائلة بطلان الاتفاق.
وقد وسع المشرع من مفهوم الكتابة ليشمل صورا عديدة من المحررات التي تتيحها تكنولوجيا الاتصال حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل 58-327 من القانون رقم 08-05 على أنه: “يعتبر اتفاق الوساطة مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين وجود اتفاق الوساطة دون أن ينازعه الطرف الآخر في ذلك”.
وفي حالة عدم احترام هذه الشكلية، فإن المشرع رتب جزاء على الاخلال بذلك ويتمثل في بطلان الاتفاق، وهو ما أشارت إليه المحكمة التجارية بالرباط حين رفضت طلب التذييل بالصيغة التنفيذية لمحضر الصلح المنجز بين الطرفين في إطار القانون05-08 المتعلق بالوساطة الاتفاقية طبقا لمقتضيات الفصل 69-327 من قانون المسطرة المدنية لاخلاله بشرط الكتابة، حيث جاء فيه:
” حيث لئن أجاز المشرع في الفصل 55-327 للأطراف الاتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل ابرام صلح ينهي النزاع، فإن الفصل 62-327 اشترط تحرير شرط الوساطة كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه، وأن يتضمن إما تعيين الوسيط أو الوسطاء وإما التنصيص على طريقة تعيينهم.
وحيث أن الطالب لم يدل بعقد الوساطة، ولا ما يفيد اتفاق الأطراف على عرض النزاع على وسيط معين أو اتفاقهم على تعيين السيد (..) وسيطا إذ إن عقد الوساطة الذي يتم بمقتضاه تعيين الوسيط هي الوثيقة التي يستمد منها هذا الأخير صلاحيته المتمثلة في تسهيل إبرام صلح لإنهاء النزاع مما يبقى معه الطلب مخالفا لمقتضيات الفصل 62-327 من قانون المسطرة المدنية، ويتعين التصريح برفضه”.[5]
[1] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، الكتاب الاول مصادر الالتزام، الجزء الاول التصرف القانوني،ط3 2015، مطبعة المعارف الجديدة الرباط ، ص: 58.
[2] نفسه ص: 35.
[3] نفسه، ص: 36.
[4] الفصل 58-327 من القانون رقم 08-05
[5] أمر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط، (الملف عدد/1146/1/2008 غير منشور).